تدفقت موجات الفلسطينيين الى مصر منذ فترة طويلة حيث كان هذا الوجود الفلسطيني وجود تجاري في مصر منذ القرن الثامن عشر تمثل في عدد كبير من التجار وقد ساهموا بشكل كبير في العلاقات التجارية لمصر مع فلسطين وبقية اجزاء بلاد الشام وتركيا وعدد من بلدان البحر المتوسط وكانت لهم استثمارات كبيرة وبعضهم وصل لمنصب تولي القضاء في مصر في ذلك الزمن وتركوا لاحفادهم تركات كبيرة اما في القرن العشرين فقد دفعت الصدامات و ثورة 1936-1939 الكثير من الفلسطينيين للجوء الى مصر و لوحظ أن النسبة الاكبر من هؤلاء جاءت من الخليل وهي المدينة التي شهدت أشرس الصدامات بين العرب و اليهود إبان هبة البراق كما يلاحظ أن أغلب هؤلاء حصلوا على الجنسية المصرية وأصبحوا من كبار التجار في مصر حتى قبل وقوع نكبة 1948.
ثم جاء لاجئو 1948 بأعدادهم الكبيره نسبياً و بعدهم توافدت اعداد قليله ممن قذف بهم احتلال القوات الاسرائيلية لقطاع غزة خريف 1956 خلال العدوان الثلاثي، على أن أعدادا أكبر وصلت مصر بعد إحتلال القوات الاسرائيلية للضفة الغربية و قطاع غزة، في حرب يونيو/ حزيران 1967 بل إن نزف المواطنين في هاتين المنطقتين المحتلتين لم ينقطع منذئذ الى يوم قريب مضى.
بيد أن الكتلة الاكبر التي وردت الى مصر من الفلسطينيين كانت تلك التي هاجرت، بفعل نكبة 1948 الفلسطينية. فمع اشتداد القصف المدفعي للعصابات الصهيونية المسلحة( الهاغاناه؛ والارغون؛ و شتيرن) على مدينة يافا، و تشديد هذه العصابات الخناق حول المدينة، التي أخذت دفاعاتها المتواضعة في الانهيار المتوالي، اخذت جموع أهالي يافا تتدافع الى شاطئ البحرالذي تركته العصابات الصهيونية دون ان تغلقه مكتفية بمحاصرة المدينة على شكل حدوة حصان و استخدمت هذه الجموع القوارب و اللنشات و نزلت بها الى ماء البحر متجهة الى الجنوب في اتجاه قطاع غزة و مصر يدفعها الى ذلك الساحل الآمن و قصر المسافة نسبيا و هذا ما يفسر وصول نسبة كبيرة من أهالي يافا الى هاتين الجهتين، فيما نجح الباقون في الوصول الى سوريا و لبنان والضفه الغربيه و تبقى بضعة مئات في يافا نفسها.
توالى وصول اليافيين الى بور سعيد أول ثغر قابلهم في القطر المصري و سارعت السلطات المصرية الى ضرب طوق من حول قوارب الوافدين و حاصرتهم في مبنى الحجر الصحي التابع لشركة قناة السويس جنوب شرقي المدينة حمل اسم المزاريطة، فيما أخذت هذه السلطات من وصل من الفلسطينيين عبر البر الى معسكر في العباسية أحد ضواحي القاهرة.
سرعان ما ثار اليافيون المحصورون في المزاريطة على وضعهم المزري و خرجت بنادقهم من مخابئها و اندلع الصدام بينهم و بين الشرطة المصرية و ان امكن محاصرتة واحتواءه سمحت الحكومة المصرية بخروج الرأسماليين من المزاريطة و معسكر العباسية و منحتهم حق الاقامة في مصر كما سمحت بخروج كل من أتى بكفيل مصري مقتدر، و قد اتضح من هاتين الفئتين ان الحكومة المصرية أرادت ان تجنب نفسها عبئا اقتصاديا اجتماعياً ثم سرعان ما جمعت الحكومة المصرية من تبقى في أحد المعسكرات التي هجرتها القوات البريطانية في القنطرة شرق على قناة السويس.
في صيف 1949 زار وزير المعارف المصري هذا المعسكر فخرج حشد من اهله متظاهراً ساخطاً يردد بدنا غزة بدنا غزة و ما هي الا ايام حتى كانت القطارات تنقلهم الى قطاع غزة حيث خصص لهم مخيم المغازي هناك ،اما من تبقى منهم في مصر فكانت لهم سيرة أخرى كما باقي فلسطينيي مصر فبعضهم بقي في مصر أو إرتحل الي دول الخليج وليبيا و الأمريكتين وغيرها من من مناطق العالم بعد ذلك أما التوزيع السكاني وعدد الفلسطينيين في مصر فهو كا لآتي :- لم يستطيع أي إحصاء في مصر أن يقدر العدد الحقيقي للفلسطينيين المقيمين علي الأراضي المصرية إلا أن غالبية الإحصائيات تقدرهم ما بين 40 و60 الف فلسطيني،ويتركز هؤلاء الفلسطينيين في القاهرة والاسكندرية ومحافظة الشرقيه ومنطقه القناة وسيناء. ويميل الاغنياء منهم في القاهرة الى السكن عادة في هليوبولس ومصر الجديدة والمهندسين والزمالك والدقي ومدينة نصر، بينما يسكن افراد الطبقه الوسطى في أحياء العباسية وشبرا،أما الفقراء فمراكزهم في شبرا و عين شمس في القاهرة اضافة الى محافظة الشرقيه في أبي كبير والزقازيق وناقوس الصلاحية والخطرة أما في سيناء فهم على الاغلب في العريش والشيخ زويد.
أما عن النشاط السياسي الفلسطيني في مصر فهو كما كما يلي :-
منذ ان برزت القضية الفلسطينية، في مطلع العشرينيات من القرن الحالي وجدت أصداء لها في أرجاء مصر، تجلت في اشكال التضامن مع فلسطين وشعبها في الازمات، خاصة ابان هبة البراق صيف 1929، و ثورة 1936 الوطنيه الفلسطينيه (1936-1939) ووصل التضامن المصري ذروته، بعد صدور قرار تقسيم فلسطين عن الجمعية العامة للامم المتحدة، في 29 نوفمبر 1948.
الى ذلك، ثمة نشاط سياسي فلسطيني كان محمد علي الطاهر في طليعتة، حيث دأب هذا المكافح الوطني الفلسطيني على اصدار الصحف، و تنظيم علاقات وطنيه بحزب الوفد والاخوان المسلمين، من اجل قضية بلادة الوطنية. بيد أن نكبة 1948 الفلسطينية، أحدثت تغييرات ملحوظة في المشهد، من بينها تدمير البنيه السياسية الفلسطينية، وتدفق الفلسطينيين الى مصر. من المعروف بأن الشيوعين الفلسطينيين أفلتوا من هذا المصير، فاستمر تنظيم (عصبة التحرر الوطني) في ممارسة نشاطه. في شتى المناطق الفلسطينية ( اراضي 1948، الضفة الغربية، قطاع غزة). و نجح القسم الانشط في الضفه في تأسيس فرع للعصبة في الوسط الطلابي الفلسطيني في مصر، ترأسة طالب الطب، ابن مدينة صفد في شمال فلسطين، نديم نحوي. و بعد ان اتحدت العصبة في الضفة مع الحلقات الماركسية في شرق الاردن، و شكلت الحزب الشيوعي الاردني صيف في 1950، غدا فرع العصبة في مصر فرعاً للحزب الشيوعي الاردني.
مع مرور الوقت، نجح حزب البعث في الضفة الغربية في تأسيس فرع له في الوسط نفسة، وتبعته حركة القوميين العرب في الاتجاه نفسه. أما الاخوان المسلمون فتضافروا من قطاع غزة ومصر، فكان فرعهم في الوسط الطلابي الفلسطيني الاكثر عدداً، حتى سنة 1957.
أما الهيئة العربية العليا، و حكومة عموم فلسطين فقدتا مبرر وجودهما. واكتفيا باليافطة، لذا كان طبيعيا ان يتركز النشاط السياسي الفلسطيني هنا في رابطة الطلبة الفلسطينيون، التي غدت بمثابة مدرسة كادر لتخريج القيادات السياسية اللاحقة. فكان ياسر عرفات، أول رئيس لهذة الرابطة (1950-1956)، وأيضا صلاح خلف ( ابو اياد) الذي كان نائبا لعرفات، وخلفه في رئاسة الرابطة سنة 1956 فضلا عن فاروق القدومي ونشطاء آخرين بينهم بشير البرغوثي وتيسير قبعة.
من هنا يمكن فهم الصراع الحزبي الذي احتدم من أجل الاستحواذ علىقيادة رابطة الطلبة ومن بعدها الاتحاد. ومعروف بأن الاتحاد العام لطلبة فلسطين، اتخذ من القاهرة مقراً له، منذ قام سنة 1959، بعد اتحاد الروابط الطلابية الفلسطينيه في مصر و سوريا و لبنان و غيرها من الاقطار العربيه و الاجنبية.
ومنذ سنة 1957، بدأت الحكومة المصرية تتدخل، باطراد، في أمر تشكيل قيادة الرابطة، ومن بعدها الاتحاد . فحين كان النظام المصري راضيا عن البعث جانب عوامل اخرى - تولى اعضاء من البعث رئاسة الاتحاد، و كانت لهم الاغلبية في هيئتة التنفيذية. حتى اذا ما اصطدم النظام الناصري بالبعثيين، صيف 1963، قلب لهم ظهر المجن، ونقل دعمه الى حركة القوميين العرب، حتى أواسط الستينيات، حيث انتقل بدعمة الى طلبة الطليعة العربية، الموالية لعبد الناصر. مما قلل من الوزن السياسي لهذا الاتحاد، الامر الذي تعزز بعد قيام منظمة التحرير في أواسط الستينات، بمؤسساتها السياسية و الثقافية و العسكرية، فضلا عن تنظيمها الشعبي.
الى جانب الرابطة، تأسس في القاهرة،النادي الفلسطيني العربي، سنة 1953؛ ومن عام 1957 انتقل مقر النادي الى مصر الجديدة، ثم عاد الى وسط القاهرة، عام 1960، وبقي هناك حتى سنة 1964. و في موازتة تأسس النادي الفلسطيني العربي، في الاسكندرية، عدا فرعان للنادي في مدينتي العريش وبور سعيد وقد استهدفت هذه النوادي تعزيز الروابط بين الفلسطينيين المقيمين في مصر، ونشر الوعي السياسي بينهم، وتبني مشاكلهم الاجتماعية والثقافيه.
ومنذ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، صيف 1964، احتكرت حق النشاط العلني من مصر الى ما بعد حرب 1967. ونشط مكتباها في القاهرة و الاسكندرية، عدا مقر اللجنة التنفيذية للمنظمة في العاصمة المصرية، حيث سمحت السلطات المصرية، بعد هذه الحرب وصعود المنظمات الفدائية، لحركةفتح بالنشاط العلني في مصر، فافتتحت الحركة عدة مكاتب، غالبيتها في القاهره.
واذا كانت مصر قد أجرت لمنظمة التحرير منذ تأسيسها اذاعة باسم صوت فلسطين، فان مصر منحت فتح بعيد معركة الكرامة (21/3/1968) محطة اذاعية باسم صوت الثورة الفلسطينه، وبعد ان استحوذت فتح على رئاسة منظمة التحرير في فبراير 1969 اندمجت الاذاعتان و حملت اسم الاذاعه الثانيه وتولى مدير الثانية فؤاد ياسين ادارة الاذاعة الموحدة حتى صيف 1974عدا فترة انقطاع اقتربت من سنة كاملة حين اوقفت السلطات المصرية هذة الاذاعة، بمجرد انفجار الازمة بين القيادتين المصرية و الفلسطينية مع قبول الاولى مبادرة روجرز و هو الاجراء الذي اقترن بقيام اجهزة الامن المصريه بترحيل عشرات من اعضاء الجبهتين الشعبيه و الديمقراطية أواخر يوليو 1970، من مصر الى الاردن انتقاما من قيام عناصر من هاتين الجبهتين في عمان بمظاهرات نددت بقبول الحكومة المصرية مبادرة روجرزمعروف بأن أجهزة الامن المصريه تغاضت عن مقر للجبهة الشعبية، في عمارة الايموبيليا بوسط القاهرة، توارت فيه الشعبية خلف جبهة التحرير الوطني البحرينية لكن احداث يوليو تموز 1970 انهت هذا الوضع، فيما سمحت هذه السلطات لمنظمة فلسطين العربيه بالنشاط العلني في مصر بسبب الروابط الحميمة لمؤسسي هذه المنظمة و قائدها أحمد زعرور، بمصر الى ان حلت هذه المنظمة نفسها على النحو المعروف صيف 1971.
ولأن الكياينية السياسة ظلت هاجس الفلسطينيين اينما حلوا منذ النكبة، لذا غرقت المؤسسات النقابيه و الشعبيه الفلسطينيه في النشاط السياسي على حساب الشأنين النقابي و المطلبي.
في القاهرة تأسست عام 1963 رابطة المرأة الفلسطينية وضمت قرابة خمسين امرأةو بعد أن تأسس في القدس الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، سنة 1965 تحولت هذه الرابطة الى فرع للاتحاد في مصر ثم استضاف هذا الفرع قيادة الاتحاد المركزية منذ عمدت الحكومة الاردنية الى اغلاق مقر هذه القيادة في القدس في 1 يناير 1967.
من جهة اخرى كان بعض النقابيين العماليين الفلسطينيين اضطر الى هجر وطنة في الضفة الغربية، بعد أحداث ربيع 1957 في الاردن، و تجمع هؤلاء في مصر، و في مقدمتهم حسني صالح الخفش، و ناجي الكوني. و سعى هؤلاء لتشكيل الاتحاد العام لعمال فلسطين ولم تنجح مساعيهم الا بعد قيام منظمة التحرير، فانعقد المؤتمر الاول للاتحاد في مدينة غزة ما بين 14 - 17 ابريل / نيسان 1965 واتخذ الاتحاد من القاهرة مقراً له وظل كذلك، الى ما بعد مبادرة السادات عام 1977 حيث نقل مقرة الى دمشق.
في مصر نجح الاتحاد في تأسيس فروع له في انحاء مختلفة من مصر : القاهرة، الجيزة، حلوان، الاسكندرية، دمنهور، طنطا، كفر الشيخ، مرسي مطروح، دمياط، المنصورة، بني سويف، الفيوم، بورسعيد، قنا، سوهاج، أسيوط، والمنيا.
في سياق مشابه، انعقد في مدينة غزة، المؤتمر الاول لاتحاد كتاب فلسطين، في ما بين 29، نوفمبر و4 ديسمبر 1966، بحضور 32 كاتبا و أديبا من شتى مناطق الشتات الفلسطيني. و انتخب خيري حماد، من فلسطيني مصر رئيسا للاتحاد، و اتخذ الاتحاد من القاهرة مقراً له. الى ان تأسس، في بيروت الاتحاد العام للكتاب و الصحفيين الفلسطينيين في سبتمبر / ايلول 1972 حيث تحول مقر الاتحاد في القاهرة الى مقر لفرع الاتحاد في مصر حتى مبادرة السادات حيث تم ترحيل اربعة من قادة هذا الفرع واغلقت اجهزة الامن مقر الفرع حتى يومنا هذا واصبح الفرع مجرد حبر على ورق.
و اليوم لا يحظى بالوضع الرسمي سوى حركة فتح، فيما تفتقر بقية الفصائل الفلسطينيه الى مثل هذا الوضع، على ان هذا لم يحرم هذه الفصائل من متعاطفين ومؤييدين بين صفوف الفلسطينيين في مصر. في السياق نفسة، يعيش في مصر 25 عضوا من اعضاء المجلس الوطني الفلسطيني.
الحقوق المدنية والإقامة
ارتبطت معاملة الفلسطينيين في مصر بالشأن السياسي ارتباطاً حميماً، فقد شهدوا عصرهم الذهبي في ظل جمال عبد الناصر حيث معاملة الفلسطيني معاملة المصري في كافة الحقوق وكان يتم تعيينة في الدولة الا انة بعد مجيء السادات الي الحكم بدا ذلك يتغير تدريجيا في حكم السادات. وجاءت أولى الازمات بين قيادة منظمة التحرير والحكم المصري، في سبتمبر 1975، مع توقيع السادات اتفاقية فصل القوات الثانيه مع اسرائيل، والتي تضمنت ما اعتبرتة قيادة منظمة التحرير، في حينه، تنازلاً وطنياً. فعمد السادات الى اغلاق اذاعة صوت الثوره الفلسطينيه، و أخذت الاجهزة المصرية تتعسف في التعامل مع الفلسطينيين . وهكذا، انعكس الخلاف السياسي بين قيادة منظمة التحرير والحكم المصري، لاول مرة، على معاملة الفلسطينيين في مصر.
بعد أقل من سنة، وفي 4 يونيو 1976، أعاد السادات الاذاعة الى العمل، في مواجهة التدخل السوري في لبنان، الذي ابتدأ في اليوم ذاتة. لكنة عاد و أغلقها بعد 17 شهراً حين أقدم على زيارة اسرائيل، في سياق مبادرتة الشهيرة. هنا دخلت معاملة الفلسطينيين في مصر منحى آخر، عانى فيه الفلسطينيون ما عانوا، فكانت التشريعات الجائرة.
جاءت بداية التحول مع زيارة السادات لاسرائيل في19 نوفمبر 1977، حيث قامت أجهزة الامن المصرية بترحيل عشرات الطلبه الفلسطينيين، ممن احتجوا على هذه الزيارة، أو اشتبهت هذه الاجهزة في ارتباطهم العضوي بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بالذات، كما تم ترحيل أربعة من قيادة فرع الاتحاد العام للكتاب و الصحفيين الفلسطينيين، من بين تسعة أعضاء هم مجموع قيادة الفرع (الهيئة الادارية؛ و مندوبي المؤتمر العام)، و اغلقت هذه الاجهزة مقر فرع الاتحاد في العاصمة المصرية. و سرعان ما الحقتهم بطرد معتمد فتح في مصر، ومدير مكتب منظمة التحرير، ورئيس الاتحاد العام للطلبة الفلسطينيين.
واتخذ السادات من اقدام مجموعه فلسطينية، تنتمي الى فتح المجلس الثوري (جماعة أبو نضال البنا المنشقة عن منظمة التحرير) على قتل الاديب المصري المعروف، يوسف السباعي، في لارنكا بقبرص، في فبراير/ شباط سنة 1978، دون ان يراعي السادات ان فتح/ المجلس الثوري تلاحق حتى قيادات م. ت. ف انفسهم. وهكذا لم يستمر في نشاطة من الاتحادات الشعبية الفلسطينية، سوى فرعي اتحادي المرأة و العمال.
وفي يوليو 1978، صدر قراري رئيس الجمهورية، رقمي 47 و48 لسنة 1978، بالغاء القرارات التي كانت تعامل الفلسطينيين معاملة المصريين كما حظرت وزارة القوى العاملة اشتغال الاجانب- وبضمنهم الفلسطينيين- في الاعمال التجاريه، والاستيراد والتصدير، الا لمن كان متزوجا بمصرية، منذ اكثر من خمس سنوات.
لقد سنت الحكومات العربيه قوانين تحظر على اللاجئين الفلسطينيين العمل في بلادها، وتفرض كفالة ماليه كبيرة، وعقوبة بالحبس على رعاياها الذين يستخدمون فلسطينيين، بأجر أو بدون أجر. وظلت هذه القوانين سارية المفعول، لفترة طويلة، في البلاد التي فرضتها ولم يوقف العمل بها في معظم البلدان، على عكس ما سارت علية العادة في بلاد العالم جميعاً.
في مصر عومل اللاجئون الفلسطينيون معاملة الاجانب الغرباء، فلم يسمح لهم بمزاولة أي عمل من الاعمال، سواء أكان ذلك العمل وظيفيا، أم تجاريا، ام صناعياً. بل لقد كانت مصلحة الهجرة و الجوازات و الجنسية تكتب على بطاقة الاقامة، او جواز سفر أي لاجئ فلسطيني العبارة التالية:
لا يجوز له العمل، بأجر أو بدون أجر مما دفع بعض خريجي الجامعات الفلسطينيه للتوجة الى دول الخليج.
ورغم كل هذا فان الفلسطينيين نجحوا في مزاولة حياتهم وهذا يدفعنا هنا عن التحدث عن النشاط الاقتصادي للفلسطينيين في مصر في مصر فإليكم المعلومات التالية عنهم :-
في فترة الستينات كان قرابة عشرين فلسطينيا يملكون مصانع متنوعة متوسطة الحجم بالاضافة الى 55 يملكون عمارات سكنية وثمانية يمتلكون فنادق متوسطة و15 يستحوذون على عزب فضلا عن عدد لا بأس به من المقاولين هنا كان قرابة 2500 شخص يديرون رؤوس أموال تتراوح ما بين 15 الى 20 مليون جنيه مصري في مطاعم و فنادق و أعمال النقل و الخدمات، أما الآن فثمه أشخاص إستفادوا من أوضاع الانفتاح في السوق المصريه بشكل جعل رؤوس أموالهم تفوق في حجمها رؤوس أموال الستينيات بمراحل.
و في ما بين حربي 1967 و 1973 رصد أحد الباحثين المصريين 222 متجرا للفلسطينين في مصر، بينها 58 مطعما و محل بقالة و 74 محلا لبيع الاقمشة و متجران للمجوهرات، و32 وكالة سياحة و مكتب استيراد و تصدير و46 مصنع جلود وفواكة وصابون وأحذيه ،ويقطن خمسة آلاف فلسطيني قرية عرب أبو ذكري في قويسنا بالمنوفيه حيث يمثل المصريين هناك أقلية ويعمل معظم الفلسطينيين هناك في مجالات الأعمال الحرة والإستثمار بشتى أشكالة فيما يتركز نشاط البعض الآخر منهم في المجال الزراعي ويعمل فلسطينيو أبو ذكري في معظمهم بصناعة الطواقي حيث ينسجون وبر الجمال ويصنعون منه طواقي يبيعونها لأهالي القرى المجاورة وكان هؤلاء الفلسطينيين يعملون في تجارة الجمال إلا أنهم تحولوا مع مرور الوقت للعمل في التجارة الصغيرة والزراعة .
وهناك راسماليون كبار بين فلسطينيي مصر منهم علي سبيل المثال وليس الحصر :-
الشنطي و عائلته يعملون في صناعة وتجارة الجلود والبلاستيك؛ و عائلة جمجوم في تجارةالمواد الغذائيه ، و رضوان العجيل - الذي اكتسب الجنسيه المصريه - في الاجهزة الالكترونية والاكسسوارات ، و آل أبو لبن في صناعة الطوب الحراري والادوات الصحيه ، والسكسك في الاقمشة، وآل العتال في تجارة وصناعة الحديد وأيضا الموبيليا والاجهزة الالكترونيه وخميس عصفور صاحب مصانع كريستال الشهيرة التي يعمل فيها 12000 عامل بينهم بعض الفلسطينيين وقد حصل علي الجنسية المصرية وعلي الصفدي في مجال صناعة وتجارة السكر ويعمل في مصانعة 6000 عامل بينهم بعض الفلسطينيين أيضا وآل مسحال و العريان والقلا والجاعوني في مجال صناعة السينما والانتاج السينمائي وآل مشتهي في مجال تجارة وصناعة الملابس وآل البورونو في مجال صناعة الادوات الصحية وآل الحسيني في مجال تجارة وتصنيع الملابس وصلاح خرما في مجال صناعة وتوكيلات العطور وآل العشي في صناعة وتجارة الثلاجات والديراوي في مجال المقاولات والابراج السكنية وآل الصراف في مجال تصميم الديكور وأسامة الشريف في مجال بناء و ادارة الموانيء وعماد الغزاوي في مجال صناعة و تجارة الاجهزة الكهربائية والالكترونية وعلاء الخواجة في مجال الفندقة والاتصالات وسامي القريني في مجال القري السياحية وخالد أبو اسماعيل وهو رجل أعمال كبير يمتلك سلسلة من المشاريع العملاقة ومدير الغرفة التجارية المصرية ويحمل الجنسية المصرية و كل ماسبق في هذا التقرير هو موجز عن وضع الفلسطينيين في مصر لكنة يكشف الكثير عن وضع الجالية الفلسطينية بمصر منذ لجوئها وحتي اليوم.
___________________________
المصادر
-موقع شمل المختص بشئون اللاجئين الفلسطينيين
-مجلة روز اليوسف المصرية مقال نشر عام 1994 وكان عنوانه (الفلسطينيون في مصر لاجئون ومليونيرات)
-جريدة الاهرام المصرية مقال نشر فيها عام 1994 كان عنوانه (فلسطينيون علي ضفاف النيل)
ثم جاء لاجئو 1948 بأعدادهم الكبيره نسبياً و بعدهم توافدت اعداد قليله ممن قذف بهم احتلال القوات الاسرائيلية لقطاع غزة خريف 1956 خلال العدوان الثلاثي، على أن أعدادا أكبر وصلت مصر بعد إحتلال القوات الاسرائيلية للضفة الغربية و قطاع غزة، في حرب يونيو/ حزيران 1967 بل إن نزف المواطنين في هاتين المنطقتين المحتلتين لم ينقطع منذئذ الى يوم قريب مضى.
بيد أن الكتلة الاكبر التي وردت الى مصر من الفلسطينيين كانت تلك التي هاجرت، بفعل نكبة 1948 الفلسطينية. فمع اشتداد القصف المدفعي للعصابات الصهيونية المسلحة( الهاغاناه؛ والارغون؛ و شتيرن) على مدينة يافا، و تشديد هذه العصابات الخناق حول المدينة، التي أخذت دفاعاتها المتواضعة في الانهيار المتوالي، اخذت جموع أهالي يافا تتدافع الى شاطئ البحرالذي تركته العصابات الصهيونية دون ان تغلقه مكتفية بمحاصرة المدينة على شكل حدوة حصان و استخدمت هذه الجموع القوارب و اللنشات و نزلت بها الى ماء البحر متجهة الى الجنوب في اتجاه قطاع غزة و مصر يدفعها الى ذلك الساحل الآمن و قصر المسافة نسبيا و هذا ما يفسر وصول نسبة كبيرة من أهالي يافا الى هاتين الجهتين، فيما نجح الباقون في الوصول الى سوريا و لبنان والضفه الغربيه و تبقى بضعة مئات في يافا نفسها.
توالى وصول اليافيين الى بور سعيد أول ثغر قابلهم في القطر المصري و سارعت السلطات المصرية الى ضرب طوق من حول قوارب الوافدين و حاصرتهم في مبنى الحجر الصحي التابع لشركة قناة السويس جنوب شرقي المدينة حمل اسم المزاريطة، فيما أخذت هذه السلطات من وصل من الفلسطينيين عبر البر الى معسكر في العباسية أحد ضواحي القاهرة.
سرعان ما ثار اليافيون المحصورون في المزاريطة على وضعهم المزري و خرجت بنادقهم من مخابئها و اندلع الصدام بينهم و بين الشرطة المصرية و ان امكن محاصرتة واحتواءه سمحت الحكومة المصرية بخروج الرأسماليين من المزاريطة و معسكر العباسية و منحتهم حق الاقامة في مصر كما سمحت بخروج كل من أتى بكفيل مصري مقتدر، و قد اتضح من هاتين الفئتين ان الحكومة المصرية أرادت ان تجنب نفسها عبئا اقتصاديا اجتماعياً ثم سرعان ما جمعت الحكومة المصرية من تبقى في أحد المعسكرات التي هجرتها القوات البريطانية في القنطرة شرق على قناة السويس.
في صيف 1949 زار وزير المعارف المصري هذا المعسكر فخرج حشد من اهله متظاهراً ساخطاً يردد بدنا غزة بدنا غزة و ما هي الا ايام حتى كانت القطارات تنقلهم الى قطاع غزة حيث خصص لهم مخيم المغازي هناك ،اما من تبقى منهم في مصر فكانت لهم سيرة أخرى كما باقي فلسطينيي مصر فبعضهم بقي في مصر أو إرتحل الي دول الخليج وليبيا و الأمريكتين وغيرها من من مناطق العالم بعد ذلك أما التوزيع السكاني وعدد الفلسطينيين في مصر فهو كا لآتي :- لم يستطيع أي إحصاء في مصر أن يقدر العدد الحقيقي للفلسطينيين المقيمين علي الأراضي المصرية إلا أن غالبية الإحصائيات تقدرهم ما بين 40 و60 الف فلسطيني،ويتركز هؤلاء الفلسطينيين في القاهرة والاسكندرية ومحافظة الشرقيه ومنطقه القناة وسيناء. ويميل الاغنياء منهم في القاهرة الى السكن عادة في هليوبولس ومصر الجديدة والمهندسين والزمالك والدقي ومدينة نصر، بينما يسكن افراد الطبقه الوسطى في أحياء العباسية وشبرا،أما الفقراء فمراكزهم في شبرا و عين شمس في القاهرة اضافة الى محافظة الشرقيه في أبي كبير والزقازيق وناقوس الصلاحية والخطرة أما في سيناء فهم على الاغلب في العريش والشيخ زويد.
أما عن النشاط السياسي الفلسطيني في مصر فهو كما كما يلي :-
منذ ان برزت القضية الفلسطينية، في مطلع العشرينيات من القرن الحالي وجدت أصداء لها في أرجاء مصر، تجلت في اشكال التضامن مع فلسطين وشعبها في الازمات، خاصة ابان هبة البراق صيف 1929، و ثورة 1936 الوطنيه الفلسطينيه (1936-1939) ووصل التضامن المصري ذروته، بعد صدور قرار تقسيم فلسطين عن الجمعية العامة للامم المتحدة، في 29 نوفمبر 1948.
الى ذلك، ثمة نشاط سياسي فلسطيني كان محمد علي الطاهر في طليعتة، حيث دأب هذا المكافح الوطني الفلسطيني على اصدار الصحف، و تنظيم علاقات وطنيه بحزب الوفد والاخوان المسلمين، من اجل قضية بلادة الوطنية. بيد أن نكبة 1948 الفلسطينية، أحدثت تغييرات ملحوظة في المشهد، من بينها تدمير البنيه السياسية الفلسطينية، وتدفق الفلسطينيين الى مصر. من المعروف بأن الشيوعين الفلسطينيين أفلتوا من هذا المصير، فاستمر تنظيم (عصبة التحرر الوطني) في ممارسة نشاطه. في شتى المناطق الفلسطينية ( اراضي 1948، الضفة الغربية، قطاع غزة). و نجح القسم الانشط في الضفه في تأسيس فرع للعصبة في الوسط الطلابي الفلسطيني في مصر، ترأسة طالب الطب، ابن مدينة صفد في شمال فلسطين، نديم نحوي. و بعد ان اتحدت العصبة في الضفة مع الحلقات الماركسية في شرق الاردن، و شكلت الحزب الشيوعي الاردني صيف في 1950، غدا فرع العصبة في مصر فرعاً للحزب الشيوعي الاردني.
مع مرور الوقت، نجح حزب البعث في الضفة الغربية في تأسيس فرع له في الوسط نفسة، وتبعته حركة القوميين العرب في الاتجاه نفسه. أما الاخوان المسلمون فتضافروا من قطاع غزة ومصر، فكان فرعهم في الوسط الطلابي الفلسطيني الاكثر عدداً، حتى سنة 1957.
أما الهيئة العربية العليا، و حكومة عموم فلسطين فقدتا مبرر وجودهما. واكتفيا باليافطة، لذا كان طبيعيا ان يتركز النشاط السياسي الفلسطيني هنا في رابطة الطلبة الفلسطينيون، التي غدت بمثابة مدرسة كادر لتخريج القيادات السياسية اللاحقة. فكان ياسر عرفات، أول رئيس لهذة الرابطة (1950-1956)، وأيضا صلاح خلف ( ابو اياد) الذي كان نائبا لعرفات، وخلفه في رئاسة الرابطة سنة 1956 فضلا عن فاروق القدومي ونشطاء آخرين بينهم بشير البرغوثي وتيسير قبعة.
من هنا يمكن فهم الصراع الحزبي الذي احتدم من أجل الاستحواذ علىقيادة رابطة الطلبة ومن بعدها الاتحاد. ومعروف بأن الاتحاد العام لطلبة فلسطين، اتخذ من القاهرة مقراً له، منذ قام سنة 1959، بعد اتحاد الروابط الطلابية الفلسطينيه في مصر و سوريا و لبنان و غيرها من الاقطار العربيه و الاجنبية.
ومنذ سنة 1957، بدأت الحكومة المصرية تتدخل، باطراد، في أمر تشكيل قيادة الرابطة، ومن بعدها الاتحاد . فحين كان النظام المصري راضيا عن البعث جانب عوامل اخرى - تولى اعضاء من البعث رئاسة الاتحاد، و كانت لهم الاغلبية في هيئتة التنفيذية. حتى اذا ما اصطدم النظام الناصري بالبعثيين، صيف 1963، قلب لهم ظهر المجن، ونقل دعمه الى حركة القوميين العرب، حتى أواسط الستينيات، حيث انتقل بدعمة الى طلبة الطليعة العربية، الموالية لعبد الناصر. مما قلل من الوزن السياسي لهذا الاتحاد، الامر الذي تعزز بعد قيام منظمة التحرير في أواسط الستينات، بمؤسساتها السياسية و الثقافية و العسكرية، فضلا عن تنظيمها الشعبي.
الى جانب الرابطة، تأسس في القاهرة،النادي الفلسطيني العربي، سنة 1953؛ ومن عام 1957 انتقل مقر النادي الى مصر الجديدة، ثم عاد الى وسط القاهرة، عام 1960، وبقي هناك حتى سنة 1964. و في موازتة تأسس النادي الفلسطيني العربي، في الاسكندرية، عدا فرعان للنادي في مدينتي العريش وبور سعيد وقد استهدفت هذه النوادي تعزيز الروابط بين الفلسطينيين المقيمين في مصر، ونشر الوعي السياسي بينهم، وتبني مشاكلهم الاجتماعية والثقافيه.
ومنذ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، صيف 1964، احتكرت حق النشاط العلني من مصر الى ما بعد حرب 1967. ونشط مكتباها في القاهرة و الاسكندرية، عدا مقر اللجنة التنفيذية للمنظمة في العاصمة المصرية، حيث سمحت السلطات المصرية، بعد هذه الحرب وصعود المنظمات الفدائية، لحركةفتح بالنشاط العلني في مصر، فافتتحت الحركة عدة مكاتب، غالبيتها في القاهره.
واذا كانت مصر قد أجرت لمنظمة التحرير منذ تأسيسها اذاعة باسم صوت فلسطين، فان مصر منحت فتح بعيد معركة الكرامة (21/3/1968) محطة اذاعية باسم صوت الثورة الفلسطينه، وبعد ان استحوذت فتح على رئاسة منظمة التحرير في فبراير 1969 اندمجت الاذاعتان و حملت اسم الاذاعه الثانيه وتولى مدير الثانية فؤاد ياسين ادارة الاذاعة الموحدة حتى صيف 1974عدا فترة انقطاع اقتربت من سنة كاملة حين اوقفت السلطات المصرية هذة الاذاعة، بمجرد انفجار الازمة بين القيادتين المصرية و الفلسطينية مع قبول الاولى مبادرة روجرز و هو الاجراء الذي اقترن بقيام اجهزة الامن المصريه بترحيل عشرات من اعضاء الجبهتين الشعبيه و الديمقراطية أواخر يوليو 1970، من مصر الى الاردن انتقاما من قيام عناصر من هاتين الجبهتين في عمان بمظاهرات نددت بقبول الحكومة المصرية مبادرة روجرزمعروف بأن أجهزة الامن المصريه تغاضت عن مقر للجبهة الشعبية، في عمارة الايموبيليا بوسط القاهرة، توارت فيه الشعبية خلف جبهة التحرير الوطني البحرينية لكن احداث يوليو تموز 1970 انهت هذا الوضع، فيما سمحت هذه السلطات لمنظمة فلسطين العربيه بالنشاط العلني في مصر بسبب الروابط الحميمة لمؤسسي هذه المنظمة و قائدها أحمد زعرور، بمصر الى ان حلت هذه المنظمة نفسها على النحو المعروف صيف 1971.
ولأن الكياينية السياسة ظلت هاجس الفلسطينيين اينما حلوا منذ النكبة، لذا غرقت المؤسسات النقابيه و الشعبيه الفلسطينيه في النشاط السياسي على حساب الشأنين النقابي و المطلبي.
في القاهرة تأسست عام 1963 رابطة المرأة الفلسطينية وضمت قرابة خمسين امرأةو بعد أن تأسس في القدس الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، سنة 1965 تحولت هذه الرابطة الى فرع للاتحاد في مصر ثم استضاف هذا الفرع قيادة الاتحاد المركزية منذ عمدت الحكومة الاردنية الى اغلاق مقر هذه القيادة في القدس في 1 يناير 1967.
من جهة اخرى كان بعض النقابيين العماليين الفلسطينيين اضطر الى هجر وطنة في الضفة الغربية، بعد أحداث ربيع 1957 في الاردن، و تجمع هؤلاء في مصر، و في مقدمتهم حسني صالح الخفش، و ناجي الكوني. و سعى هؤلاء لتشكيل الاتحاد العام لعمال فلسطين ولم تنجح مساعيهم الا بعد قيام منظمة التحرير، فانعقد المؤتمر الاول للاتحاد في مدينة غزة ما بين 14 - 17 ابريل / نيسان 1965 واتخذ الاتحاد من القاهرة مقراً له وظل كذلك، الى ما بعد مبادرة السادات عام 1977 حيث نقل مقرة الى دمشق.
في مصر نجح الاتحاد في تأسيس فروع له في انحاء مختلفة من مصر : القاهرة، الجيزة، حلوان، الاسكندرية، دمنهور، طنطا، كفر الشيخ، مرسي مطروح، دمياط، المنصورة، بني سويف، الفيوم، بورسعيد، قنا، سوهاج، أسيوط، والمنيا.
في سياق مشابه، انعقد في مدينة غزة، المؤتمر الاول لاتحاد كتاب فلسطين، في ما بين 29، نوفمبر و4 ديسمبر 1966، بحضور 32 كاتبا و أديبا من شتى مناطق الشتات الفلسطيني. و انتخب خيري حماد، من فلسطيني مصر رئيسا للاتحاد، و اتخذ الاتحاد من القاهرة مقراً له. الى ان تأسس، في بيروت الاتحاد العام للكتاب و الصحفيين الفلسطينيين في سبتمبر / ايلول 1972 حيث تحول مقر الاتحاد في القاهرة الى مقر لفرع الاتحاد في مصر حتى مبادرة السادات حيث تم ترحيل اربعة من قادة هذا الفرع واغلقت اجهزة الامن مقر الفرع حتى يومنا هذا واصبح الفرع مجرد حبر على ورق.
و اليوم لا يحظى بالوضع الرسمي سوى حركة فتح، فيما تفتقر بقية الفصائل الفلسطينيه الى مثل هذا الوضع، على ان هذا لم يحرم هذه الفصائل من متعاطفين ومؤييدين بين صفوف الفلسطينيين في مصر. في السياق نفسة، يعيش في مصر 25 عضوا من اعضاء المجلس الوطني الفلسطيني.
الحقوق المدنية والإقامة
ارتبطت معاملة الفلسطينيين في مصر بالشأن السياسي ارتباطاً حميماً، فقد شهدوا عصرهم الذهبي في ظل جمال عبد الناصر حيث معاملة الفلسطيني معاملة المصري في كافة الحقوق وكان يتم تعيينة في الدولة الا انة بعد مجيء السادات الي الحكم بدا ذلك يتغير تدريجيا في حكم السادات. وجاءت أولى الازمات بين قيادة منظمة التحرير والحكم المصري، في سبتمبر 1975، مع توقيع السادات اتفاقية فصل القوات الثانيه مع اسرائيل، والتي تضمنت ما اعتبرتة قيادة منظمة التحرير، في حينه، تنازلاً وطنياً. فعمد السادات الى اغلاق اذاعة صوت الثوره الفلسطينيه، و أخذت الاجهزة المصرية تتعسف في التعامل مع الفلسطينيين . وهكذا، انعكس الخلاف السياسي بين قيادة منظمة التحرير والحكم المصري، لاول مرة، على معاملة الفلسطينيين في مصر.
بعد أقل من سنة، وفي 4 يونيو 1976، أعاد السادات الاذاعة الى العمل، في مواجهة التدخل السوري في لبنان، الذي ابتدأ في اليوم ذاتة. لكنة عاد و أغلقها بعد 17 شهراً حين أقدم على زيارة اسرائيل، في سياق مبادرتة الشهيرة. هنا دخلت معاملة الفلسطينيين في مصر منحى آخر، عانى فيه الفلسطينيون ما عانوا، فكانت التشريعات الجائرة.
جاءت بداية التحول مع زيارة السادات لاسرائيل في19 نوفمبر 1977، حيث قامت أجهزة الامن المصرية بترحيل عشرات الطلبه الفلسطينيين، ممن احتجوا على هذه الزيارة، أو اشتبهت هذه الاجهزة في ارتباطهم العضوي بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بالذات، كما تم ترحيل أربعة من قيادة فرع الاتحاد العام للكتاب و الصحفيين الفلسطينيين، من بين تسعة أعضاء هم مجموع قيادة الفرع (الهيئة الادارية؛ و مندوبي المؤتمر العام)، و اغلقت هذه الاجهزة مقر فرع الاتحاد في العاصمة المصرية. و سرعان ما الحقتهم بطرد معتمد فتح في مصر، ومدير مكتب منظمة التحرير، ورئيس الاتحاد العام للطلبة الفلسطينيين.
واتخذ السادات من اقدام مجموعه فلسطينية، تنتمي الى فتح المجلس الثوري (جماعة أبو نضال البنا المنشقة عن منظمة التحرير) على قتل الاديب المصري المعروف، يوسف السباعي، في لارنكا بقبرص، في فبراير/ شباط سنة 1978، دون ان يراعي السادات ان فتح/ المجلس الثوري تلاحق حتى قيادات م. ت. ف انفسهم. وهكذا لم يستمر في نشاطة من الاتحادات الشعبية الفلسطينية، سوى فرعي اتحادي المرأة و العمال.
وفي يوليو 1978، صدر قراري رئيس الجمهورية، رقمي 47 و48 لسنة 1978، بالغاء القرارات التي كانت تعامل الفلسطينيين معاملة المصريين كما حظرت وزارة القوى العاملة اشتغال الاجانب- وبضمنهم الفلسطينيين- في الاعمال التجاريه، والاستيراد والتصدير، الا لمن كان متزوجا بمصرية، منذ اكثر من خمس سنوات.
لقد سنت الحكومات العربيه قوانين تحظر على اللاجئين الفلسطينيين العمل في بلادها، وتفرض كفالة ماليه كبيرة، وعقوبة بالحبس على رعاياها الذين يستخدمون فلسطينيين، بأجر أو بدون أجر. وظلت هذه القوانين سارية المفعول، لفترة طويلة، في البلاد التي فرضتها ولم يوقف العمل بها في معظم البلدان، على عكس ما سارت علية العادة في بلاد العالم جميعاً.
في مصر عومل اللاجئون الفلسطينيون معاملة الاجانب الغرباء، فلم يسمح لهم بمزاولة أي عمل من الاعمال، سواء أكان ذلك العمل وظيفيا، أم تجاريا، ام صناعياً. بل لقد كانت مصلحة الهجرة و الجوازات و الجنسية تكتب على بطاقة الاقامة، او جواز سفر أي لاجئ فلسطيني العبارة التالية:
لا يجوز له العمل، بأجر أو بدون أجر مما دفع بعض خريجي الجامعات الفلسطينيه للتوجة الى دول الخليج.
ورغم كل هذا فان الفلسطينيين نجحوا في مزاولة حياتهم وهذا يدفعنا هنا عن التحدث عن النشاط الاقتصادي للفلسطينيين في مصر في مصر فإليكم المعلومات التالية عنهم :-
في فترة الستينات كان قرابة عشرين فلسطينيا يملكون مصانع متنوعة متوسطة الحجم بالاضافة الى 55 يملكون عمارات سكنية وثمانية يمتلكون فنادق متوسطة و15 يستحوذون على عزب فضلا عن عدد لا بأس به من المقاولين هنا كان قرابة 2500 شخص يديرون رؤوس أموال تتراوح ما بين 15 الى 20 مليون جنيه مصري في مطاعم و فنادق و أعمال النقل و الخدمات، أما الآن فثمه أشخاص إستفادوا من أوضاع الانفتاح في السوق المصريه بشكل جعل رؤوس أموالهم تفوق في حجمها رؤوس أموال الستينيات بمراحل.
و في ما بين حربي 1967 و 1973 رصد أحد الباحثين المصريين 222 متجرا للفلسطينين في مصر، بينها 58 مطعما و محل بقالة و 74 محلا لبيع الاقمشة و متجران للمجوهرات، و32 وكالة سياحة و مكتب استيراد و تصدير و46 مصنع جلود وفواكة وصابون وأحذيه ،ويقطن خمسة آلاف فلسطيني قرية عرب أبو ذكري في قويسنا بالمنوفيه حيث يمثل المصريين هناك أقلية ويعمل معظم الفلسطينيين هناك في مجالات الأعمال الحرة والإستثمار بشتى أشكالة فيما يتركز نشاط البعض الآخر منهم في المجال الزراعي ويعمل فلسطينيو أبو ذكري في معظمهم بصناعة الطواقي حيث ينسجون وبر الجمال ويصنعون منه طواقي يبيعونها لأهالي القرى المجاورة وكان هؤلاء الفلسطينيين يعملون في تجارة الجمال إلا أنهم تحولوا مع مرور الوقت للعمل في التجارة الصغيرة والزراعة .
وهناك راسماليون كبار بين فلسطينيي مصر منهم علي سبيل المثال وليس الحصر :-
الشنطي و عائلته يعملون في صناعة وتجارة الجلود والبلاستيك؛ و عائلة جمجوم في تجارةالمواد الغذائيه ، و رضوان العجيل - الذي اكتسب الجنسيه المصريه - في الاجهزة الالكترونية والاكسسوارات ، و آل أبو لبن في صناعة الطوب الحراري والادوات الصحيه ، والسكسك في الاقمشة، وآل العتال في تجارة وصناعة الحديد وأيضا الموبيليا والاجهزة الالكترونيه وخميس عصفور صاحب مصانع كريستال الشهيرة التي يعمل فيها 12000 عامل بينهم بعض الفلسطينيين وقد حصل علي الجنسية المصرية وعلي الصفدي في مجال صناعة وتجارة السكر ويعمل في مصانعة 6000 عامل بينهم بعض الفلسطينيين أيضا وآل مسحال و العريان والقلا والجاعوني في مجال صناعة السينما والانتاج السينمائي وآل مشتهي في مجال تجارة وصناعة الملابس وآل البورونو في مجال صناعة الادوات الصحية وآل الحسيني في مجال تجارة وتصنيع الملابس وصلاح خرما في مجال صناعة وتوكيلات العطور وآل العشي في صناعة وتجارة الثلاجات والديراوي في مجال المقاولات والابراج السكنية وآل الصراف في مجال تصميم الديكور وأسامة الشريف في مجال بناء و ادارة الموانيء وعماد الغزاوي في مجال صناعة و تجارة الاجهزة الكهربائية والالكترونية وعلاء الخواجة في مجال الفندقة والاتصالات وسامي القريني في مجال القري السياحية وخالد أبو اسماعيل وهو رجل أعمال كبير يمتلك سلسلة من المشاريع العملاقة ومدير الغرفة التجارية المصرية ويحمل الجنسية المصرية و كل ماسبق في هذا التقرير هو موجز عن وضع الفلسطينيين في مصر لكنة يكشف الكثير عن وضع الجالية الفلسطينية بمصر منذ لجوئها وحتي اليوم.
___________________________
المصادر
-موقع شمل المختص بشئون اللاجئين الفلسطينيين
-مجلة روز اليوسف المصرية مقال نشر عام 1994 وكان عنوانه (الفلسطينيون في مصر لاجئون ومليونيرات)
-جريدة الاهرام المصرية مقال نشر فيها عام 1994 كان عنوانه (فلسطينيون علي ضفاف النيل)